ثقافة في قرطاج ـ استفزّه النقد ولم يتقبل الاختلاف: لالجيرينو فنان "عالمي" بمزاج عربي أصيل
قال الموسيقار السويسري إرنست ليفي : "ستبدأ الإنسانية بالتحسن عندما نأخذ الفن على محمل الجدّ كما الفيزياء أو الكيمياء أو المال"، أما الموسيقار اليوناني ياني فقال :" الموسيقى هي الفن، وحالما تصبح فنانا عليك أن تتعلم كيف تتقبل النقد"، مقولتان لا تنطبقان اطلاقا مع سهرة فنان الراب الفرنسي من أصول جزائرية سمير جغلال المعروف أكثر باسم لالجيرينو، أولا لأن أصيل ولاية خنشلة الجزائرية لم يحمل حفله ضمن فعاليات الدورة 54 لمهرجان قرطاج على محمل الجدّ، وثانيا لأن هذا الأخير لم يتقبل النقد الموجّه اليه خلال الندوة الصحفية التي عقدت اثر انتهاء عرضه .
في البداية لا نعلم ان كان يحق لنا أن نطلق عبارة حفل على ما قدمه "لالجيرينو" على ركح مهرجان قرطاج أم لا وذلك لعدة أسباب لعل أولها أن "الشو" الذي قدمه هذا الفنان مكانه الوحيد العلب الليلية وليس ركحا في مثل عراقة مسرح مهرجان قرطاج، اضافة الى اقتصار فنان الراب الفرنسي ـ الجزائري على أداء عدد محدود جدا من أغانيه في فترة زمنية لم تتجاوز الساعة ونصف دون احتساب الوقت الذي أضاعه هذا الأخير في الكلام المجاني والمسقط والحال أن كل حفلات مهرجان قرطاج تقدم خلال ساعتين من الزمن.
ليلة صاخبة ، حضرها جمهور غفير جدا من الأطفال والشباب من الجزائر وتونس، لا لشيء سوى للاستمتاع والرقص على أغاني "لالجرينو" الذي اعتلي ركح قرطاج يوم 7 أوت للمرة الأولى، جمهور انتظر الكثير لكنه فوجئ ب"نجمه" يكرّر نفس الأغاني في مدة زمنية لم تتجاوز الساعة ونصف كما أشرنا سابقا .
لالجيرينو الذي أعاد تقريبا نفس عبارات الترحيب بجمهوره طيلة الحفل، كرّم في ليلته القرطاجنية "الشاب حسني"، والى جانب الراي حضرت موسيقى الهيب هوب والريغي الممزوجة بالنغمات الشاوية، كما أدى سمير جغلال في أكثر من مناسبة أغنيته الأكثر انتشارا "les menottes" حيث افتتح بها حفله واختتمه بها، ومن أغانيه الناجحة أدى "بانديراس"، و"لو تعلم"، و"بنما"،و"أمير المدينة"، و"sur la tete de ma mere". التي اهداها الى والدته وكل الأمهات .
وفي رده على سؤال موقع الجمهورية حول اقتصاره على ساعة ونصف فقط من الغناء ذكر لالجيرينو أنه من الأفضل أن يسعد جمهوره في مدة زمنية قصيرة على أن يقدم محتوى مملا لا يستجيب لانتظارات الجمهور، مشيرا الى أنه غنى بشكل مسترسل وأن الجمهور استمتع بما قدمه له مؤكدا أن تفاعل الآلاف معه هو ما يهمه..
فنان الراب الفرنسي من أصول جزائرية لم يتقبل الأسئلة والنقد بصدر رحب حيث لاحت على محياه صحبة الفريق المصاحب علامات التبرّم والانزعاج وهو ما لوحظ في ردود أفعال الفريق العامل معه الذي لم يتردد في توجيه الاتهامات الى الصحفيين اثر انتهاء الندوة الصحفية..وانكشف فعلا قناعه بأن ظهر مزاجيا و"عربي الهوى" حتى وان "إلتحف" بالجنسية الفرنسية التي يفترض أن تمنحه قليلا من الهدوء ورحابة الصدر ورباطة الجأش في التعامل مع نقد قد يعترض أي فنان مهما بلغت قيمته وذاع صيته..هذا ان سلمنا فعلا بانتسابه الى ما يسمى بدائرة النجوم العالمية كما يسوّق لذلك المحيطون به..
بقي أن نشير الى أن النقطة الخلافية المطروحة بأدائه لمعظم أغانيه على طريقة "البلاي باك"، وهو ما نفاه لالجيرينو في رده على هذا السؤال حيث أكد أن التقنية التي اعتمدها في الغناء غلبت عليها المؤثرات الإلكترونية التي وظفها حسب متطلبات اللون الغنائي الذي يؤديه وهي ليست تقنية "البلاي باك"، مؤكدا أن هذه التقنيات معمول بها عالميا. ختاما نؤكد أنه ولئن كان لهذا الفنان شأن كبيرا في عالم موسيقى الراب عالميا فانه لم يحترم جمهوره الذي تحول بأعداد غفيرة جدا الى المسرح الروماني سواء من ناحية الوقت او محتوى عرض كان مثيرا من ناحية البهرج والدعاية و"الشو" غير انه جاء هزيلا لأبعد حدّ في جوانب موسيقية بالأساس..
سناء الماجري